مشكلة البلاستيك إنها واحدة من التحديات البيئية الكبرى في القرن الحادي والعشرين. ننتج ملايين الأطنان من النفايات البلاستيكية كل عام، ولا يتم إعادة تدوير معظم هذه المواد بشكل صحيح. ويرجع ذلك إلى مقاومته الكبيرة للتحلل، مما يتسبب في بقاء المواد البلاستيكية في البيئة لعدة قرون، مما يؤدي إلى تلويث المحيطات والتربة والموائل الطبيعية في جميع أنحاء الكوكب.
وفي مواجهة هذا التحدي، يبحث العلماء باستمرار عن حلول مبتكرة. وقد اكتشف مؤخراً أن هناك نوعاً من اليرقة يعرف باسم دودة الشمع (غاليريا ميلونيلا) ، لديه قدرة رائعة: إنه قادر على ذلك تحلل البلاستيك عن طريق تحلل البولي إيثيلينوهو من أكثر المواد البلاستيكية استخداماً وصعبة التحلل. قد يُحدث هذا الاكتشاف ثورة في مكافحة التلوث البلاستيكي.
علماء يكتشفون دودة آكلة للبلاستيك
دودة الشمع هي آفة معروفة في خلايا النحل، حيث تسبب الفوضى من خلال تغذيتها على الشمع الموجود في أقراص العسل. ومع ذلك، لم يكن الأمر كذلك حتى النحال والباحث فيديريكا بيرتوكيني قاموا باكتشاف غير متوقع، والذي بدأ يظهر إمكاناتهم لمكافحة التلوث. وبعد تخزين مجموعة من الديدان في كيس بلاستيكي، لاحظ بيرتوتشيني أنه بعد فترة بدأ الكيس يمتلئ بالثقوب بسبب عمل اليرقات. قادها فضولها إلى سلسلة من التجارب التي كشفت عن القوة المهينة المدهشة لهذه الديدان.
وقد أثارت هذه القدرة اهتماما في المجتمع العلمي، منذ البولي ايثيلينوهو نوع شديد المقاومة من البلاستيك، يُستخدم في صناعة منتجات مثل أكياس السوبر ماركت. يمثل هذا البلاستيك 40% من استهلاك البلاستيك في إسبانيا وهي السائدة عالميًا.
كيف يعمل التحلل الحيوي للبلاستيك
الديدان الشمعية هي نوع من اليرقات التي تتغذى بشكل طبيعي على شمع النحل في خلايا النحل. وبحسب الباحثين فإن التركيب الكيميائي للشمع وهو يحمل أوجه تشابه مع بنية البولي إيثيلين، وهو ما قد يفسر قدرة ديدان الشمع على تحطيم البلاستيك. ومن خلال تحطيم الشمع، تكون هذه الديدان قادرة أيضًا على ذلك عملية البولي ايثيلينمما يؤدي إلى شكل أكثر قابلية للتحلل.
ومن خلال التجارب التي وضعت الديدان مباشرة في أكياس البولي إيثيلين، لوحظ أنه بعد 40 دقيقة فقط، بدأ البلاستيك يظهر علامات واضحة على التحلل. وفي غضون 12 ساعة تقريبًا، يمكن لهذه الديدان القضاء على ما يصل إلى 92 ملليجرام من البولي إيثيلين.
والأمر الأكثر روعة هو أن التحلل لا يعتمد فقط على الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في أمعاء الديدان، كما كان يعتقد في البداية، بل هو لعاب الدودة الذي يحتوي على إنزيمات قوية قادرة على أكسدة وتكسير بنية البولي إيثيلين، مما يسرع العملية التي قد تستغرق عادة مئات السنين.
تجارب جديدة مع الانزيمات
بدأ العلماء الآن في فهم الدور الحاسم الذي تلعبه هذه الإنزيمات الموجودة في لعاب دودة الشمع. على وجه التحديد، تم تحديد اثنين من الإنزيمات ديميترا y سيريسلقد أثبتوا قدرتهم على كسر هيكل البولي إيثيلين. وتعني هذه الخاصية أنه يمكن تسريع تحلل البلاستيك، الأمر الذي يتطلب عادة سنوات من التعرض لعوامل مثل الشمس والحرارة.
وقد كشفت الاختبارات المعملية أن هذا الإنزيم ديميترا فعال بشكل خاص في أكسدة البولي إيثيلين، بينما سيريس ولها دور ثانوي ولكن مكمل. يوفر تحديد هذه العناصر طريقًا واقعيًا لتطوير معالجات مستقبلية يمكنها إعادة إنتاج هذا النشاط بأحمال نفايات بلاستيكية أعلى بكثير.
نهج التكنولوجيا الحيوية لحل مشكلة البلاستيك
استخدام التكنولوجيا الحيوية يعد حل مشكلة التلوث البلاستيكي أحد أكثر المقترحات الواعدة في السنوات الأخيرة. تقليديا، ركزت أساليب حل مشكلة تراكم البلاستيك على إعادة التدوير الميكانيكي والحرق، وهي طرق مكلفة وملوثة. وبدلا من ذلك، اكتسب التحلل البيولوجي بالوسائل البيولوجية، مثل البكتيريا والفطريات، مكانة واسعة باعتباره حلا أنظف وأكثر طبيعية.
حتى وقت قريب، كان من المعروف أن أعدادًا صغيرة من البكتيريا يمكنها تحليل بعض البوليمرات البلاستيكية، لكن هذه العمليات كانت بطيئة جدًا. والآن، ومع اكتشاف الإنزيمات في لعاب ديدان الشمع، هناك إمكانية لمعالجة التلوث بطريقة أسرع وأكثر كفاءة.
وعلى الرغم من استمرار الدراسات، فإن إمكانية تكرار بشكل مصطنع توفر الإنزيمات المسؤولة عن التحلل أفقًا مفعمًا بالأمل. ويعتقد العلماء أنه إذا أمكن تكرار عمل هذه الإنزيمات على نطاق صناعي، فقد نواجه أداة جديدة قوية من شأنها تسريع عملية التخلص من البلاستيك في مدافن النفايات والمحيطات.
إن اكتشاف قدرة ديدان الشمع على تدمير المواد البلاستيكية الصلبة بسرعة لا يفتح آفاقا جديدة في مكافحة التلوث فحسب، بل يظهر أيضا كيف يمكننا تسخير الآليات الطبيعية للكائنات الحية لحل المشاكل التي من صنع الإنسان.
لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم الآليات الدقيقة وتحديد كيفية تطبيق هذه العملية على نطاق واسع.