
أصبحت إعادة التدوير الكيميائي ذات أهمية متزايدة في السنوات الأخيرة. استجابةً لمشكلة نفايات البلاستيك والمنسوجات المتنامية، وهما قطاعان يُنتجان أطنانًا من النفايات سنويًا. في ظل قيود إعادة التدوير الميكانيكي التقليدي، يستثمر البحث العلمي والصناعة في أساليب كيميائية تُحوّل النفايات إلى مواد خام عالية القيمة، مما يُعزز الاقتصاد الدائري والاستدامة في مختلف المجالات.
تعمل الشركات ومراكز التكنولوجيا ومصنعو المنسوجات على تعزيز الحلول المبتكرة نسعى إلى تحسين كفاءة هذه العمليات وربحيتها وجدواها البيئية. ورغم استمرار التحديات التقنية والتكلفة، تُبشّر المشاريع والتطورات الحديثة بمستقبل واعد لاستعادة النفايات باستخدام التقنيات الكيميائية.
الابتكار في إعادة تدوير المنسوجات الكيميائية والبلاستيك: المشاريع والتقنيات الجديدة
يتم تطوير مبادرات متطورة في إسبانيا وأوروبا لمعالجة الجيل المتزايد من النفايات النسيجية، والتي يحركها إلى حد كبير اللوائح التي تحظر التخلص منها في مكبات النفايات وتتطلب إنشاء قنوات فعالة لإعادة التدوير وإعادة الاستخدام. يشارك معهد تكنولوجيا البلاستيك (AIMPLAS) في مشاريع دولية مثل tExtended، والذي يهدف إلى إثبات جدوى العمليات التي تسمح باستعادة المنسوجات وإعادة استخدامها وإعادة تدويرها في بيئة تعاونية بين الصناعات الحضرية على نطاق حقيقي.
التكنولوجيا المتطورة يتضمن أنظمة متقدمة لتحديد وفصل المواد النسيجيةمثل المستشعرات البصرية أو الفصل الكهروستاتيكي، مما يُسهّل الإدارة الفعّالة للنفايات التي يصعب معالجتها. إضافةً إلى ذلك، تُجرى أبحاثٌ حول طرق التحلل الانتقائي لمواد مثل كلوريد البوليفينيل (PVC)، وعمليات إعادة التدوير الكيميائي لرغوة البولي يوريثان، مما يُتيح الحصول على منتجات قابلة لإعادة الاستخدام.

وبفضل هذا النهج العالمي، فإننا نسعى تقليل حجم النفايات النسيجية بنسبة تصل إلى 80٪ تُرمى النفايات التي ينتهي بها المطاف في مكبات النفايات، وتُسهم في رفع الوعي العام بأهمية التدوير من خلال إشراك المجتمع في مهام مثل فرز المنسوجات المستعملة وإعادتها. كما يجري إنشاء منصات موسعة لمسؤولية المنتجين لتنسيق الإدارة الفعّالة والإلزامية لنفايات المنسوجات والأحذية، مثل برنامج "إعادة زيارة الخردة".
إعادة التدوير الكيميائي كمحرك للاقتصاد الدائري: أمثلة في الصناعة
ومن أبرز التطبيقات التوضيحية لإعادة التدوير الكيميائي قطاع الإطارات والبلاستيك. قامت شركة Schwalbe، الشركة الألمانية المصنعة للأنابيب الداخلية للدراجات، بتنفيذ نموذج دائري شامل بالتعاون مع شركة BASF وشركة Pyrum Innovations AG.تبدأ العملية بإعادة تدوير الإطارات المستعملة، حيث يُستخرج منها زيت التحلل الحراري. يُستخدم هذا الزيت كمادة خام بديلة في إنتاج البولي يوريثان الحراري (TPU)، مما يسمح بتصنيع أنابيب داخلية جديدة بنسبة تصل إلى 91% من المواد المعاد تدويرها والمعتمدة.
تُتيح تقنية التحلل الحراري نفسها المُطبقة على استعادة النفايات البلاستيكية، كما أظهر مشروع ChemCycling التابع لشركة BASF، إمكانية استبدال الموارد الأحفورية والاستفادة من النواتج الثانوية في سلاسل إنتاج جديدة. علاوة على ذلك، تُسهم إعادة تدوير الإطارات أيضًا في استعادة الغاز لتوليد الكهرباء، وإنتاج أسود الكربون المُعاد تدويره، وهو مُكون أساسي في تصنيع الإطارات الجديدة وغيرها من المنتجات البلاستيكية.
إعادة التدوير الكيميائي يجلب فوائد رئيسية بالمقارنة مع الطرق الأخرى، تتيح هذه الطريقة فصل ومعالجة النفايات المعقدة أو المختلطة، وتُنتج مواد خام ثانوية بجودة مماثلة للمواد الخام الخام، وتُسهّل الانتقال إلى اقتصاد دائري حقيقي. ومع ذلك، لا يزال من الضروري تحسين كفاءة استخدام الطاقة في العمليات وخفض التكاليف ليصبح تكاملها الصناعي أكثر انتشارًا واستدامة.
التحديات والآفاق المستقبلية: الكفاءة والاستدامة وقابلية التوسع
على الرغم من الإنجازات التقنية، لا تزال عملية إعادة التدوير الكيميائي تواجه عددًا من التحديات. يظل استهلاك الطاقة في العمليات، وخاصة التحلل الحراري، مرتفعًا.تعتمد الاستدامة بشكل كبير على الطاقة المستخدمة من مصادر متجددة. علاوة على ذلك، غالبًا ما تكون تكلفة المواد المعاد تدويرها أعلى من تكلفة المواد التقليدية، مما يحد من وصول عامة الناس إلى المنتجات الدائرية.
يبرز التعاون بين معاهد البحث والشركات والمصنّعين والمواطنين كعنصر أساسي للتغلب على هذه التحديات. وتُسهم المشاريع التجريبية على المستويين الأوروبي والوطني، والاختبارات الميدانية، والمشاركة الفعّالة للمجتمعات المحلية، في تطوير حلول جديدة لإعادة التدوير الكيميائي وقبولها.
كما تدفع البيئة التنظيمية القطاعَ إلى تسريع اعتماد التقنيات المستدامة. وسيظل إنشاء أنظمة مسؤولية المُنتِج الموسعة، وتطبيق الحلول الرقمية في الفرز، والاستثمار في البحث والتطوير، عوامل أساسية لتعزيز الاقتصاد الدائري في نفايات المنسوجات والبلاستيك من خلال إعادة التدوير الكيميائي.
يُتيح إعادة التدوير الكيميائي فرصًا جديدة لإدارة النفايات المعقدة، مما يُمكّن من استعادة المواد القيّمة والمضي قدمًا نحو إنتاج أكثر استدامة. وتتنبأ المشاريع والتعاون الجاري على امتداد سلسلة القيمة الصناعية بدور متزايد الأهمية لهذه التقنية في مستقبل الاقتصاد الدائري.
